فصل: كتاب البرصان والعميان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البرصان والعرجان والعميان والحولان **


 المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله عليه محمد وسلم وهب الله لك حسن الاستماع وأشعر قلبك حب التثبت وجعل أحسن الأمور في عينيك وأحلاها في صدرك وأبقاها أثراً عليك في دينك ودنياك علماً تفيده وضالاً ترشده وباباً من الخير تفتحه وأعاذك من التكلف وعصمك من التلون وبغض إليك اللجاج وكره إليك الاستبداد ونزهك عن الفضول وعرفك سوء عاقبة المراء وقد علمت مع ذلك من مدح بقوله‏:‏ من رأي ذي بدآت لا تزال له بزلاء يعيا بها الجثامة اللبد وأن الآخر قد قال‏:‏ ليت هنداً أنجزتنا ما تعد وشفت أنفسنا مما نجد واستبدت مرة واحدة إنما العاجز من لا يستبد ولا أعلم الموصوف بالاستبداد إلا مجهلاً مذموماً ولا أعرف المنعوت بالبدوات إلا مدفعاً مضعوفاً‏.‏

وإنما الشأن في وجدان آلة التصرف وفي تمام العزم بعد التبين لا أعرف إلا هذين‏.‏

والنوادر وكل ما خف على قلوب الفراغ وراق أسماع الأغمار إلا بعد إقامة العمود والبصر بما يلثم من ذلك العمود فإن بعض من كلف برواية الأشعار بدأ برواية أشعار هذيل قبل رواية شعر عباس بن الأحنف ورواية شعر ابن أحمر قبل رواية شعر أبي نواس وناس من أصحاب الفتيا نظروا في العين والدين قبل أن يرووا الاختلاف في طلاق السنة وناس من أهل الكلام نظروا في ‏"‏‏.‏

‏"‏ والكفر والمداخلة والمجاورة قبل أن ينظروا في التوحيد والعدل والآجال والأرزاق‏.‏

وسئل بعض العلماء عن بعض أهل البلدان فقال‏:‏ أبحث الناس عن صغير وأتركهم لكبير وسئل عن بعض الفقهاء فقال‏:‏ أعلم الناس بما لم يكن وأجهلهم بما كان وقد خفت أن تكون مسألتك إياي كتاباً في تسمية العرجان والبرصان والعميان والصمان والحولان من الباب الذي نهيتك عنه وزهدتك فيه‏.‏

وذكرت لي كتاب الهيثم بن عدي في ذلك وقد خبرتك أن لم أرض بمذهبه ولم أحبه له حظاً في حياته ولا لولده بعد مماته‏.‏

وأنا أحذرك اللجاح والتتايع وأرغب إلى الله لك في السلامة من التلون والتزيد وفي الاستطراف والتكلف فإن اللجاج لا يكون إلا من خلل القوة وإلا من نقصان قد دخل على التمكين واللجوج في معنى المغلوب والمتصرف في معنى الغالب والمكتفي ولا يكون إلا والعقدة منحلة والنفس منقوصة ثم لا بد أن يتصل ضعف المنة بقلة المعرفة ومتى نقصت المعرفة لم تكن المنة فاضلة وكان الفاعل إما لجوجاً مسارعاً وإما ذا بدوات متلوناً‏.‏

فاعرف فضل ما بين التصرف والتلون وليس الاعتراض من صفة اللجاج‏.‏

وقد يكون الاعتراض محموداً ومذموماً ولا يكون اللجاج إلا مذموماً والتلون أن تكون سرعة رجوعه عن الصواب كسرعة رجوعه عن الخطأ واللجاج وأن يكون ثبات عزمه على إمضاء الخطأ الضار كثبوت عزمه على إمضاء الصواب النافع‏.‏

والذهول عن العواقب مقرون باللجاج وضعف العقدة مقرون بالبدوات‏.‏

قيل لبعض العلماء‏:‏ من أسوأ الناس حالاً قال‏:‏ من لا يثق بأحد لسوء ظنه ولا يثق به أحد لسوء فعله‏.‏

وقال عمر بن الخطاب‏:‏ لن ينتفع بعقله حتى ينتفع بظنه‏.‏

وقال محمد بن حرب‏:‏ صواب الظن الباب الأكبر من الفراسة‏.‏

وقال بلعاء بن قيس‏:‏ وأبغي صواب الظن أعلم أنه إذا طاش ظن المرء طاشت مقادره ألا تراهم يمدحون ضرباً من الظن ويذمون ضرباً آخر‏.‏

وأما الصواب ففي الحال التي بين الحالتين‏.‏

وقال الله عز ذكره‏:‏ ‏"‏ اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ‏"‏ وهذا البعض هو ذاك الكثير الذي ذكره لأن قليل الكثير ربما كان كثيراً‏.‏

وقيل لثقيف‏:‏ بم بلغتم المبالغ قالوا‏:‏ بسوء الظن‏.‏

وإلى ذلك ذهب الشاعر حيث يقول‏:‏ أسأت إذ أحسنت ظني بكم والحزم سوء الظن بالناس وذلك على ما قدر ما تصادف عليه الزمان وتشاهد من حالات الناس‏.‏

وليس سوء الظن في الجملة بالمذموم ولا بحسن الظن بالمحمود وإنما المحمود من ذلك الصواب على قدر الأسباب القوية والضعيفة والذي يتجلى للعيون من الأمور المقربة وعلى ما جرت عليه العادة والتجربة ولقد قال الله تعالى‏:‏ ‏"‏ ولقد صدق عليهم إبليس ظنه ‏"‏ اعلم أنه لم يرد تصويب ظن إبليس وليس مذهب الكلام وصف إبليس بشيء من الصواب وإنما أراد ذم الذين كثرت ذنوبهم حتى طرقوا على أنفسهم سوء الظن فصار كل من ظن بهم سوءاً يصير ظنه موافقاً للذين يحاولون والذين هم فاعلون‏.‏

فاطلب العلم على تنزيل المراتب وعلى ترتيب المقدمات وليكن لتدبيرك نطاق فإنه أمان من الخطأن وللذي تعتقد رباط فإنه لا بد للبنيان من قواعد‏.‏

وليكن أحب العلم إليك أطوعه لله فإن لم تفعل فاكسبه للحال الجميلة والذي لا بد للشريف من معرفته علم الأخبار ومعرفة علل النحو ولولا أن الذي أكتبه لك مجانب لطرق الهيثم وخارج مما يشتهيه الريض المتكلف الملول وأنه كتاب جد غير هزل لما كتبته لك وبالله التوفيق‏.‏

قال الهيثم بن عدي‏:‏ العرج الأشراف‏:‏ أبو طالب معاذ بن جبل عبد الله بن جدعان الحارث بن أبي شمر الحوفزان بن شريك عمرو بن الجموح الأنصاري الربيع بن مسعود الكلبي عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وذكر القعقاع بن سويد المنقري وسليمان بن كيسان الكلبي ولم يك يذكر غير هؤلاء‏.‏

وذكر العميان وكان الذي ترك منهم أكثر مما ذكر‏.‏

والعرج الأشراف - أبقاك الله - كثير والعمي الأشراف أكثر ولكن ما معناه في أن أبا فلان كان أعمى إذا لم يكن إنما اجتلب ذكر العرج والعمى ليجعل ذاك سبباً إلى قصص في أولئك العرجان وإلى فوائد أخبار في أولئك العميان وإلى أن جماعة فيهم كانوا يبلغون مع العرج ما لا يبلغه عامة الأصحاء ومع العمى يدركون ما لا يدركه أكثر البصراء ولما جاء أيضاً في ذلك من الأشعار الصحيحة ومن الأمثال المضروبة وكيف تهاجوا بذلك وتمادحوا به وكيف جزع من جزع وصبر من صبر وما رووا في ذلك من الأخبار النافعة والأحاديث السائرة واللفظ المونق ولو ذكرنا - حفظك الله - أن ممن سقي بطنه‏:‏ عثمان بن أبي العاص وعمران بن الحصين وخباب بن الأرت وقبيصة بن المهلب وفلان وفلان ثم لم نذكر حسن عزائهم ونوادر كلامهم عند نزول تلك الحوادث وعند توقع الفرج من تلك المضايق وأي شيء كرهوا من أصناف العلاج وحرموه وأي شيء استجازوه واستحلوه والذي رووا من الأحاديث في ذلك الداء أو من الروايات في ذلك الدواء وكيف كانت تعزية العائد وجواب المعود وكيف كان دعاؤهم وبأي ضرب من الكلام كان ابتهالهم فإن ذلك عظة لمن سمعه وأدب لمن وعاه وصلاح لمن استعمله فمن لم يذكر هذه العلل لذكر هذه الفوائد لم يكن ذكره لزمانة قوم أشراف بالمحمود ولا تنويهه قوماً بأدواء مستورين بالمرضي‏.‏

وأول الشروط التي وضعت في أعناق الأطباء ستر ما يطلعون عليه في أبدان المرضى وكذلك حكم من غسل الموتى‏.‏

وسألتني أن أبدأ بذكر البرصان وأثني بذكر العرجان ثم أذكر ما قالوا في الأيمن والأعسر وفي الأضبط وفي كل أعسر يسر واختلاف طبائع الحيوان في ذلك مع اختلاف حالات البشر في الصغر والكبر وكيف القول في الأشل والأقطع وفي الأضجم والأفقم وفي صاحب اللقوة والأشدق وفي سعة الأفواه وضيقها وفي عظم الأنوف وصغرها وكيف مدحوا الرؤوس بالعظم وذموها بالصغر وما قالوا في الدمامة والنبالة وفي القصر والطول ثم الذي قالوا في الأجلح والأنزع وفي الأصلع والأقرع وفي الأزعر والأمعر‏.‏

وما قالوا في الثط والسنوط وفي الأحدب والأعلم وفي الآدر والأفقح وما ذكروا به الأعضاء ووصفوا به الجوارح وما جاء في ذلك من الأشعار والأخبار والأمثال والآثار‏.‏

وقد فخروا بالعمى وذلك كثير واحتجوا بالعرج وذلك غير قليل‏.‏

وإذا كان الأعرابي يعتريه البرص فيجعله زيادة في الجمال ودليلاً على المجد فما ظنك بقوله في العرج والعمى وهما لا يستقذران ولا يتقزز منهما ولا يعديان ولا يظن ذلك بهما ولا ينقصان من تدبير ولا يمنعان من سؤدد وهذا المعنى نفسه قد ذكره شاعر قريش حين عدد أسماء من عمي من أشرافهم فقال في كلمة له‏:‏ ومطعم وعدي في سيادته فذاك داء قريش آخر الزمن وخير دائك داء لا تسب به ولا تبيت تمنى لذة الوسن داء كريم فلا دعوى فتحذره فالحمد لله ذي الآلاء والمنن وقد يفر الأعرابي في الحرب فلا يقر بالجبن عن الأعداء وبالنكول عن الأكفاء بل يخرج لذلك الفرار معنى ويجعل له مذهباً ثم لا يرضى حتى يجعل ذلك المفخر شعراً ويشهره في الآفاق معاذ إلهي أن تقول حليلتي ألا فر عني مالك بن أبي كعب أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلاً وأنجو إذا غم الجبان من الكرب يقول‏:‏ أنا وإن وليت هارباً حين لا أجد لي مقاتلاً فقد وليت ومعي عقلي وأتم الفرار في الحرب آلة من عرف المفر كما يعرف المكر يقول‏:‏ فلست كمن يستفزعه وهل الجبان ولا كالذي يعجل فيلجم ذنب فرسه ويركبه مشكولاً ويركله برجله وهو مقيد وينزل عن ظهره ويظن أن سعيه على رجليه أبلغ من ركض فرسه في النجاة وقال زيد الخيل‏:‏ أقاتل حتى لا أرى لي مقاتلاً وأنجو إذا لم ينج إلا المكيس ولست بذي كهرورة غير أنني إذا طلعت أولى المغيرة أعبس وقال الحارث بن هشام‏:‏ الله يعلم ما تركت قتالهم حتى رموا فرسي بأشقر مزبد فصددت عنهم والأحبة فيهم طمعاً لهم بعقاب يوم مفسد وعلمت أني إن أقاتل واحداً أقتل ولا يضرر عدوي مشهدي يقول‏:‏ ليس من الصواب أن أقف موقفاً أقاتل فيه باطلاً‏.‏

وقال عمرو بن معدي كرب‏:‏ ولقد أعطفها كارهة حين للنفس من الموت فرير كل ما ذلك مني خلق وبكل أنا في الروع جدير فزعم أن الفرار من أخلاقه كما أن الإقدام من أخلاقه وهذا خلاف قول ابن مطيع‏:‏ أنا الذي فررت يوم الحره والشيخ لا يفر إلا مره ولا بأس بالكرة بعد الفرة وقول ابن مطيع شبيه بقول عتيبة بن الحارث بن شهاب حيث يقول‏:‏ نجيت نفسي وتركت حزره نعم الفتى غادرته بإمره لا يترك المرء الكريم بكره وقد أقر كل واحد من هذين على حدته بالعيب فأما الآخر فإنه حين فر ألزم نفسه وجميع الجيش وهو قوله‏:‏ فإن يك عاراً يوم ذاك أتيته فراري فذاك الجيش قد فر أجمع وأما عامر بن الطفيل فقال‏:‏ أعاذل لو كان البداد لقوتلوا ولكن أتونا في العديد المجمهر قال لبيد‏:‏ أتونا بشهران ومذحج كلها وما نحن إلا مثل إحدى القبائل وأقر قيس بن الخطيم بغير هذا الجنس من الفرار فقال‏:‏ إذا ما فررنا كان أسوا فرارنا صدود الخدود وازورار المناكب وقد علم قيس أن هذا المقدار لا يسمى فراراً ولا يعير به أحد‏.‏

قال‏:‏ ولما انهزم الناس يوم أبى فديك كان عباد بن الحصين من المنهزمين وهو يصيح بأعلى صوته‏:‏ أنا عباد بن الحصين فقال له بعض المنهزمين‏:‏ فلم تنوه باسمك على هذه الحال قال عباد‏:‏ لكي لا تركبني غمرة‏.‏

ألا ترى أن عباداً صحيح التدبير في حال انهزامه وقد ترك القتال عن غير جبن وترك القتال كي لا يقتل ضياعاً وعباد فارس الناس غير مدافع وإياه عنى الشاعر حيث يقول‏:‏ من مبلغ عني نهيك بن محرز فدونك عباداً أخا الحبطات فدونكه يستهزم الجيش باسمه إذا خاضت الفرسان في الغمرات والشاهد من الشعر على تقديم عباد على الفرسان كثير موجود‏.‏

ويكون الأعرابي شختاً مهزولاً ومقرقماً ضئيلاً فيجعل ذلك دليلاً على كرم أعراقه وشرف ولادته‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ قلت لغلام أعرابي‏:‏ مالي أراك ضعيفاً نحيفاً وصغير الحجم قليلاً مهزولاً‏!‏ قال‏:‏ قرقمني العز‏.‏

وأنشدوا قول الآخر‏:‏ قد علمت أنا أتاويان من كرم الأعراق ضاويان وأنشدوا‏:‏ قرقمه العز وأضواه الكرم وليس العجب في قوله‏:‏ إن الأعراق تضوى وإنما العجب في قوله‏:‏ إن العز يقرقم لأن الأول قد قال‏:‏ فتى لم تلده بنت عم قريبة فيضوى وقد يضوى رديد القرائب وقال الأسدي‏:‏ ولست بضاوي تموج عظامه ولادته في خالد بعد خالد تقارب من آبائه أمهاته إلى نسب أدنى من الشبر واحد بنو أخوات أنكحوهن إخوة مشاغرة فالحي للحي والد وهكذا كثير‏.‏

والضوى في البهائم أوجد منها في الناس فليس العجب من ذكرهم الضوى إذا ترددت الأولاد في القرابات وإنما العجب في قولهم‏:‏ العز يقرقم لأن الأعرابي حين ابتلي بالدمامة والعلة ثقل عليه أن يقر بالذل والضعف فاحتج لذلك وأحال الناس على معنى لا يدركونه بالمشاهدة وهذا من ذكائه ودهائه‏.‏

فبهذه النفوس - حفظك الله - حفظوا أنسابهم وتذاكروا مآثرهم وقيدوا لأنفسهم بالأشعار مناقبهم وحاربوا أعداءهم وطالبوا بطوائلهم ورأوا للشرف حقاً لم يره سواهم وعملوا على أن الناس كلهم دونهم‏.‏

وسأنشدك - إن شاء الله - بعض ما افتخر به الأعمى واحتج به الأعرج قبل أن تصير إلى قراءة الجميع لأعجل عليك معرفة الجملة من مذاهبهم وبالله التوفيق‏.‏

فمن العرجان أبو الدهماء وهو الذي عيرته امرأته بالعرج فقال‏:‏ ما ضر فارسهم في كل ملحمة تزحف العرج بين الصف والنضد إن كان ليس بمرقال إذا نزلوا ففي الفروسة وثاب على الأسد وخطب الطائي الأعرج امرأة فشكت عرجه إلى جاراتها فأنشأ يقول‏:‏ تشكى إلى جاراتها وتعيبني فقالت معاذ الله أنكح ذا الرجل فكم من صحيح لو يوازن بيننا لكنا سواء أو لمال به حملي وقال أبو العملس في امرأته‏:‏ وقال أبو طالب بن عبد المطلب واسمه عبد مناف وأول هاشمي في الأرض ولده هاشميان بنوه الأربعة وعيره بعض نسائه بالعرج فقال‏:‏ قالت عرجت فقد عرجت فما الذي أنكرت من جلدي وحسن فعالي وأنا ابن بجدتها في صبابتها وسليل كل مسود مفضال أدع الفراجة لا أريد نماءها كيما أفيد رغائب الأموال وأكف سهمي عن وجوه جمة حتى تصيب مقاتل البخال الرفاجة‏:‏ النجارة والتثمير‏.‏

وقال أبو طالب قولاً هو أجمل وأرجح من قول الجميع وذلك أنه قال وفسر‏:‏ أنا يوم السلم مكفي ويوم الحرب فارس أنا للخميسة أنف حين ما للخمس عاطس فزعم كما ترى أنه إذا كان في السلم فهو لا يحتاج مع الكفاية إلى ابتذال نفسه في حوائجه وإذا كان في الحرب فهو فارس يبلغ جميع إرادته‏.‏

وما ضر - أكرمه الله - هرثمة بن أعين ونصر بن شيث وغيرهما من الرؤساء المحاربين المقربين الذي كان يمنعهم من المشي إذا كانوا على ظهور الخيل أمثال العقبان‏.‏

رأيت أوفى بعيد الشيب من كثب في الدار يمشي على رجل من الخشب جعلت للعرج مجداً لم يكن لهم وللقصار مقالاً آخر الحقب وكان أوفى مع شرفه وسؤدده قصيراً نحيفاً وهو الذي يقول‏:‏ إذا كنت قصداً في الرجال فإنني إذا حل أمر ساحتي لجسيم وهذا أشبه بقول الآخر‏:‏ إذا كنت في القوم الطوال فضلتهم بعارفة حتى يقال طويل فهؤلاء بعض من فخرج بالعرج وسنذكر ذلك في باب القول في العرجان إن شاء الله‏.‏

وأما من فخر بالعمى فمنهم بشار بن برد وكنيته أبو معاذ ولقبه المرعث مولى لبني عقيل وهو الذي يقول‏:‏ إذا ولد المولود أعمى وجدته وجدك أهدى من بصير وأحولا عميت جنيناً والذكاء من العمى فجئت عجيب الظن للعلم معقلا وغاض ضياء العين للعلم رافد وقلب إذا ما ضيع الناس حصلا وشعر كنور الروض لاءمت بينه بقول إذا ما أحزن الشعر أسهلا وممن فخر بالبرص ثم من بني رزام المحجل وكان بساقيه وضح واسمه معاوية بن حزن بن موألة بن معاوية بن الحارث وقد رأس وسمى المحجل على الكناية من البياض والكناية أيضاً من البرص وهو الذي يقول‏:‏ يا مي لا تستنكري تحويلي ووضحاً أوفى على خصيلي فإن نعت الفرس الرجيل يكمل بالغرة والتحجيل وهو الذي يقول‏:‏ وما أنا بالبهيم فتذكروني ولا غفل الإهاب من الوشوم وأصل تسميتهم المحجل مأخوذ من الحجل والحجل هو الخلخال فإذا كان في الفرس في موضع المخلخل بياض قيل‏:‏ مخلخل وقال النعمان بن بشير‏:‏ ويبدو من الخود الغريرة حجلها وتبيض من وقع السيوف المقادم وقال الفرزدق‏:‏ مائلة الحجلين لو أن ميتاً ولو كان في الأكفان تحت الصفائح وإذا ابيض من خلف الناقة موضع الضرار فهم يسمون ذلك الخلف أيضاً محجلاً وأنشد‏:‏ نيط بحقويها رعيب أقمر محجل مقدم مؤخر وقال في ذلك أبو النجم‏:‏ وقد يقال أيضاً للغراب محجل على غير هذا المعنى وذلك أنهم يسمون حلقة القيد محجلاً على التشبيه بالحجل‏.‏

والغراب إذا مشى فكأنه مقيد والمحجل هو المقيد فذلك الحجل وقال الشاعر‏:‏ وإني امرؤ لا تقشعر ذؤابتي من الذئب يعوي والغراب المحجل وقال الطرماح‏:‏ شنج النسا قذف الجناح كأنه في الدار بعد الظاعنين مقيد وقال الآخر‏:‏ وصاح بصرمها من بطن قو غداة البين شحاج حجول من اللائي لعن بكل أرض فليس لهن في بلد قبول ولذكر المحجل مكان غير هذا‏.‏

وإذا كان الشيء مشهراً معلماً شبهوه بالفرس الأغر المحجل فإنه إذا كان في الخيل كانت العيون إليه أسرع ولذلك قال زفر بن الحارث‏:‏ كلا ورب البيت لا تقتلونه ولما يكن يوم أغر محجل ومن البرصان الذين فخروا بالبرص الحارث بن حلزة اليشكري الشاعر قال أبو عبيدة‏:‏ لما قال ألا هبي بصحنك فاصبحينا وأنشدها الملك قال الحارث بن حلزة قصيدته التي فخر فيها لبكر على تغلب وهي التي أولها‏:‏ آذنتنا ببينها أسماء ثم أتى عمرو بن هند فأنشده إياها قال‏:‏ وكان الحارث أبرص وكان الملك لا يملأ عينه من رجل به بلاء فأنشده من وراء الستر فلما سمعها استخفه الطرب وحمله السرور على أن أمر برفع الحجاب ثم أقعده على طعامه وصيره في سماره‏.‏

وقالوا‏:‏ هو المفتخر بالبرص حيث يقول‏:‏ يا أم عمرو لا تغرى بالروق ليس يضر الطرف توليع البلق إذا حوى الحلبة في يوم السبق فهذا قول الشاعر فأما محمد بن سلام فزعم أنه لم يسبق الحلبة قط أبلق ولا بلقاء‏.‏

قال الأصمعي‏:‏ لم يسبق الحلبة أهضم قط‏.‏

وقد يجوز أن يكون الشاعر أراد نفس الحلبة يوم الرهان وأراد غير ذلك من أبواب المسابقة على أن صديقاً لي قد أخبرني أن فرساً للمأمون جاءت سابقة‏.‏

إني امرؤ حنظلي حين تنسبني لا ملعتيك ولا أخوالي العوق لا تحسبن بياضاً في منقصة إن اللهاميم في أقرابها البلق فقول ابن حبناء وقول الحارث بن حلزة يردان على محمد بن سلام ما قال وكان زياد الأعجم قد ألح على بني الحبناء يهجوهم بالبرص فمن ذلك قوله‏:‏ عجبت لأبلق الخصيين عبد كأن عجانه الشعرى العبور فلما قيل له‏:‏ قد رفعتهم يا أبا أمامة قال‏:‏ والله لأرفعنهم أيضاً فقال‏:‏ لا يبرح الدهر منهم خارئاً أبداً إلا حسبت على باب استه القمرا والبياض والأوضاح تستعير ذكره العرب وتنقله في الأماكن قال الرعل بن جبلة‏:‏ والناس كالخيل إن ذموا وإن مدحوا فذو الشباب كذا في الناس أوضاح يقولون‏:‏ فرس كريم وفرس جواد وفرس عتيق وفرس رائع وليست هذه الأسماء الكريمة إلا للإنسان والفرس‏.‏

وأصل البلق إنما هو في الفرس والعرب تستعير ذلك وتضعه في مواضع كثيرة وقال الشاعر وهو يريد بياض الصبح المخالط بسواد في بقية الليل‏:‏ حبسناهم حتى أضاء لنا من الصبح مشهور الشواكل أبلق وسموا أيضاً قصر السموءل بن عادياء‏:‏ الأبلق قالوا ذلك حين كان بني بالحجارة البيض والسود قال الأعشى‏:‏ بالأبلق الفرد من تيماء منزله حصن حصين وجار غير غدار وقال السموءل بن عادياء‏:‏ وبالأبلق الفرد بيتي به وبيت المصير سوى الأبلق وقال خالد بن يزيد بن معاوية‏:‏ إني أرقت لعارض متألق ليل التمام وليته لم يؤلق ما أن ينام ولا ينيم كأنه بلقاء تضرب عن فلو أبلق وأنشدوا قول الراجز في صفة السحاب‏:‏ كأنه في ريقه إذا ابتسم بلقاء تطفي الخيل عن طفل متم وقال محرز بن مكعبر الضبي‏:‏ أقر العين أن طارت عليهم شميك اللون ليس لها حجول ولذلك سموا الأبرص الأسيدي الراقي المتكهن‏:‏ أبلق وإياه عنى ذو الرمة فقال‏:‏ وعندي أسيدي عليه علامة من السوء لا تخفى على من توسما هل الأبلق الراقي الأسيدي مبرئ فؤادي من حبي جواري بني بدر ليس يعني رهط حذيفة بن بدر‏.‏

وكان جرير بن الخطفى زوج أبلق بنته أم غيلان على أنه رقاها فأفاقت فعند ذلك قال العلبان‏:‏ أخزيت نفسك يا جرير وشنتها وجعلت بنتك نسلة للأبلق وهجا جرير أيضاً الأبلق بأنه أبلق وبغير ذلك فقال‏:‏ يا أبلق الكشح إن الناس قد علموا أن المهاجر يخزي كل كذاب لو كنت شاورت ذا عقل فأرشدني يوم الفريقين ما دنست أثوابي قد كنت عندك قبل الفعل ذا أرب مستحكماً بعراقي الدلو أكرابي لو كنت صاهرت إن الصهر ذو نسب في مازن أو عدي رهط منجاب ما كنت ذا الجلدة البلقاء تعجبني سوف السوابق ريح الكودن الرابي واعترض على جرير البلتع العنبري لأن عمرو بن تميم ولدهم جميعاً فقال‏:‏ أتعيب أبلق يا جرير وصهره وأبوه خير من أبيك وأمنع أتعيب من رضيت قريش صهره وأبوك عبد بالخورنق أوكع هلا سوائي كنت أوعدته يوم أكب الناس في الخندق وأحمل الأبلق في صفهم ثم أناديك فلا تنطق وفيما قالوا في تلك الحرب‏:‏ يا أبلق الكشح على أبلق وصاحب الراية والخندق ولزم الأبلق مكان غير هذا وهو أن الفارس يشهر بركوبه في الحرب ليس يجترئ على ركوب الأبلق في الحرب إلى غمر أو مدل بنفسه معلم يقصد إلى ذلك‏.‏

ولما رأى إبراهيم بن عبد الله بن حسن بن حسن عمر بن سلمة الهجيمي على فرس أبلق أنشد قول الشاعر‏:‏ أما القتال فلا أراك مقاتلاً ولئن فررت ليعرفن الأبلق قال ذلك وهو يمازحه وكان عمر بن سلمة شجاعاً‏.‏

ولذلك قال طفيل الغنوي‏:‏ بهجر تهلك البلقاء فيه فلا تبقى ونودي بالركاب وقال في ذلك النابغة‏:‏ بوجه الأرض لا يعفو لها أثر يمسي ويصبح فيها البلق ضلالا وصف طول الجيش وعرضه وكثافته وكثرة عددهم فلذلك خفي مكان الأبلق مع كثرة الأوضاح التي تشهره‏.‏

وروى عن يحيى بن حماد عن عاصم عن زر عن عبد الله قال‏:‏ ‏"‏ قلت‏:‏ يا رسول الله‏!‏ كيف تعرف من لم تر من أمتك قال‏:‏ هم غر محجلون من آثار الوضوء ‏"‏‏.‏

معن عن مالك عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال‏:‏ قال رسول الله عليه السلام‏:‏ ‏"‏ أنتم الغر المحجلون من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل ‏"‏‏.‏

ومن البرصان ممن فخر بالبرص سويد بن أبي كاهل وهو الذي يقول‏:‏ نفرت سودة مني أن رأت صلع الرأس وفي الجلد وضح قلت يا سودة هذا والذي يفرج الكربة عنا والكلح هو زين الوجه للمرء كما زين الطرف تحاسين القزح وممن فخر بالبرص من الرؤساء والشعراء بلعاء بن قيس بن يعمر وهو الشداخ بن عوف بن كعب بن عامر بن ليث بن بكر قالوا‏:‏ اعتراه البرص بعد أن أسن وكان سيد بني ليث فاشتد ذلك عليهم فقيل له في ذلك فقال‏:‏ سيف الله صقله‏.‏

هذه رواية أبي عبيدة والمفضل فأما الذي لم أزل أسمعه فإن أهل الحجاز يزعمون أنه قال‏:‏ سيف الله حلاه من الحلية ويقول أهل العراق‏:‏ بل قال‏:‏ سيف الله جلاه من الجلي وكل عربي‏.‏

وهو أبو مساحق وله لقبان أحدهما مدح والآخر ذم فأما المدح فالحجب والمحجوب ويقول بنو ليث بن بكر‏:‏ كان بلعاء يحجب بالنبل من مكان بعيد واللقب الآخر‏:‏ باكغ الجيران لأنه كان نكداً لجوجاً شكساً وداهية لا يرام ما وراء ظهره وهو الذي يقول‏:‏ وأبغي صواب الظن أعلم أنه إذا طاش ظن المرء طاشت مقادره وهو الذي يقول‏:‏ ومغير حجر ‏"‏ قد ‏"‏ جررت برجله بعد الهدو له قوائم أربع وهو الذي يقول‏:‏ معي كل مسترخي الإزار كأنه إذا ما مشى من أخمص الرجل ظالع وقال كلثوم بن رزين بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل في تسمية بلغاء ببالع الجيران‏:‏ تمنى بالع الجيران سيفي وأنت إذا تلاقيني فرور منت لك أن تلاقيني المنايا أمام القوم أو وحد أسير وقال في بالغ الجيران ربيعة بن أمية بن زعر بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل‏:‏ وأفلت بالع منا وخلى حلائله وقد بدت المعاري ومن البرصان السادة القادة الذين مدحتهم الشعراء بالبرص أبو أسيد عمرو بن هداب المازني مدحه بذلك أبو الشعثاء العنزي قال أصحابنا‏:‏ ما رأينا أحداً قط أبل ريقاً ولا أتم نقساً ولا اربط جأشاً من أبي أسيد عمرو بن هداب كانوا عنده والناس يغزونه على ذهاب بصره إذ مثل أبو عتاب الجرار بين يديه وهو مثل المحجوم وأبو عتاب هو إبراهيم بن جلع بن مصاد مولى بلعدوية فقال‏:‏ يا أبا أسيد‏!‏ لا تحزن على ذهابهما فإنك لو قد رأيت ثوابهما في ميزانك لقد تمنيت أن يكون الله قد قطع يديدك ورجليك ودق ظهرك وأدمى ظلفك‏.‏

قال‏:‏ فلم يبق من القوم أحد إلا استغرب ضحكاً أو صاح بأبي عتاب وأراد إسكاته إلا أبا أسيد نفسه فإنه لم يتغير لذلك ولم يظهر منه قبول ولا إنكار وأقبل على القوم فقال‏:‏ يرعى له حسن نيته ويلغى سوء لفظه‏.‏

قالوا‏:‏ ثم ما لبثنا إلا يسيراً حتى دخل أبو الشعثاء العنزي وعليه بت وكور ضخم وخف جاف فقال‏:‏ أنشدك أبا أسيد ما حبرته فيك من أراجيزي قال‏:‏ هات فأنشده أرجوزة أعرابية فصيحة فبينا نحن نستحسن معانيها ونستجيد حوكها إذ قال‏:‏ أبرص فياض اليدين أكلف والبرص أندى باللهى وأعرف مجلوز في الرجفات يزحف قال‏:‏ فصحنا حتى قطعنا عليه إنشاده‏.‏

فقال عمرو‏:‏ ارفقوا بشاعرنا وزائرنا فإن أكثر الشعراء الذين توضحت جلودهم قد افتخروا بذلك وقد قال الشاعر‏:‏ أيشتمني زيد بأن كنت أبرصا فكل كريم - لا أبا لك - أبرص أراد‏:‏ كل أبرص كريم فقال‏:‏ كري كريم أبرص‏.‏

وهذا من المقلوب‏.‏

وزعم كثير من الناس أن ذلك البياض إنما أصابه بسبب يمين حلف بها عند أستار الكعبة‏.‏

وسمعت غير واحد من جيرانه وأصحابه يزعمون أنهم ما زالوا يعلمون به وضحاً إلا أن الوضح يزيد ولا يقف وقد ذكرنا شأن عمرو بن هداب والذي حضرنا من مناقبه في كتاب العميان فلذلك لم نذكره في هذا الباب‏.‏

حدثني علي بن رياح بن شبيب الجوهري عن أبيه رياح‏.‏

وكان خاصاً بالبرامكة يدخل عليهم متى أحب وكان يصل إلى مواضع لا يكاد يصل إليها الخاص عندهم قال‏:‏ دعاني يوماً جعفر بن يحيى وهو كئيب حزين خاشع الطرف شديد الانكسار فرفع لي عن بطنه فإذا على بطنه مقدار الدرهم برص فقال‏:‏ يا أبا علي‏!‏ هذا ثمن العقوق‏.‏

قال‏:‏ وكان الذي بينه وبين أبيه قد ساء‏.‏

قالوا‏:‏ وهذا شيء أخذه جعفر بن يحيى عن أطباء الهند‏.‏

وأطباء الهند تزعم أن العقوق وآفات الدنيا كثيرة وأمراضها الشداد معروفة المقادير عند الأطباء‏.‏

وقد بينوا المستغلق العضال المؤيس من غير ذلك فقالوا في مثل الجذام والبرص العتيق والسرطان قال جالينوس‏:‏ السرطان لا يبرأ‏.‏

فإن برئ فإنه لم يكن سرطاناً والماء الأصفر والقروح التي تكون في الكلية والمثانة من الباب أيضاً الذي يعسر التخلص منه والعرب تخاف إعداء الجرب والصفر والعدسة والجدري وهم وإن استعظموا هذه الأشياء ولم يقدموا البرص عليها في الشدة فإن القرآن أصدق منهم ولولا أن البرص العتيق أشد امتناعاً وأبعد برءاً لما ذكر الله البرص دون هذه الأدواء‏.‏

والفرس أشد نفاراً من البرص والدليل على ذلك ما خبرتك به من شدته وامتناع التخلص منه قوله‏:‏ ‏"‏ وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ‏"‏ ‏"‏ فأشار إلى إبراء الأبرص ‏"‏ وإلى إبراء الأكمه وهو الأعمى المطموس ولم يذكر غير ذلك من جميع الأدواء والمعاضل والعلل والمؤيسة‏.‏

وقال في وجه آخر من معارضة البرص بخلافه وضده قال‏:‏ أو لو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين ‏"‏ وقال الله لموسى‏:‏ ‏"‏ أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء ‏"‏‏.‏

هذا إلى ما حدث عبد الله بن عمرو عن يعقوب القمي عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ جاءت قريش إلى اليهود فقالوا‏:‏ ما جاءكم به موسى قالوا‏:‏ عصاه ويده بيضاء للناظرين ثم أتوا النصارى فقالوا‏:‏ ما جاءكم به عيسى قالوا‏:‏ كان يبرئ الأكمه والأبرص ويحي الموتى فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا‏:‏ ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهباً‏.‏

فهذا أيضاً مما عظم شأن البرص إذ كان مذكوراً في الحالات كلها وإذا اجتمع على تشديد أمره القرآن والآثار‏.‏

وأما قولهم للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ اجعل لنا الصفا ذهباً فإن الله لا يعطي الناس الأعلام على قدر شهواتهم وامتحانهم وتمنيهم ولا على سبيل التفكه فإذا لم يعطهم ذلك على سبيل التفكه فإعطاؤهم إياها على سبيل التعنت أبعد ولا يجب ذلك إلا لمن لم يسمع بآية ولم ير علامة‏.‏

فأما المغموس فيها ومن قد غمرته البرهانات فليس من الحكمة تمكين السفهاء من مسألة ذلك وإنما ينزل الله الأعلام على قدر المصلحة لا على أقدار الشهوة وعلى إلزام الحجة لا على الطلب والمسألة ومتى كان الطالب لذلك معانداً وجاسياً لم يكن إلا بين أمرين إن جلاها لعنته وإجابته إلى مسألته قال‏:‏ هذا سحر وإن منعها قال‏:‏ لو كان صادقاً لأتى بها وآيات الله وبرهاناته أجل خطراً من أن توضع في هذا المكان إلا أن يريد الله ببعض ذلك تعذيبهم قالوا‏:‏ والبرص أصله من البلغم وإذا رأيت الرجل القضيف اليابس أبرص الجلد فاعلم أن المرة هي التي اعتصرت بدنه حتى قذفت بالبلغم ومجته في ظاهر جسده فلما لم يقو ذلك المكان على إنفاذه وهضمه تحير هناك فأفسد ما هناك‏.‏

وربما كان من حرق النار وربما كان من الكي إما من كي البلاء وإما من التعالج‏.‏

وليس يعتري السودان من كي البلاء كالذي يعتري الشقران والحمران وكذلك الوسم فإذا خاف النخاس أن يكون ذلك البياض برصاً قرص ذلك المكان فإن احمر فهناك دم وإن لم يحمر عزم على أن به عيباً وفحشة‏.‏

ويعترى غراميل الخيل وخصاها وجحافلها وتكون العظاء والحيات والوزغ برصاً بكل ذلك جاء الشعر وكل ذلك قالت العرب وفي الحديث المرفوع أن الوزغة لما نفخت على نار إبراهيم صمت وبرصت فمن ذلك قيل‏:‏ سام أبرص فهذا الحديث شهد لأولئك الشعراء بالصدق‏.‏

ولولا الأخبار والأشعار والآثار وكان كل بياض يكون في أصل التركيب في نفس الخلقة لا يسمى برصاً ولا يسمى البرص لولا العارض الحادث‏.‏

وقال صاحب المنطق‏:‏ لا يقال لباطن جلد الكف أقرع ولا للطفل آدر لأن ذلك لم يكن يذهب‏.‏

وحشفة المختون ربما برصت من حز الموسى وليس ذلك مما يزداد ويتفشى‏.‏

ويعتري مواضع المحاجم ويصيب أشياء من النبات كنحو البطيخ وغير ذلك وقد رأيت من نزفه الدم من جراح فبرص‏.‏

وربما جرى من ذلك على عرق وهو عندهم مما يعتري الأولاد ويعدي إلى الصحيح‏.‏

واللطع‏:‏ ضرب من البرص وهو يصيب بواطن شفاه الخصيان من الحبشان وربما كان الحبشي منهم ضخماً أهدل أدلم ألطع فيكون هولاً من الأهوال‏.‏

وشعر الرأس واللحية يبيض عن الهول الشديد ويبيض الشعر الحدث إذا كانت المرة تقذف بالبلغم إلى ما هناك ويبيض على الأعراق المتقدمة‏.‏

ويبيض الشعر من جبهة المرأة إذا طال نتفه والغالية تشيب الشعر وغسل الرأس بالسدر يرقه‏.‏

وقد ينتتف أصحاب الخيل جبهة الفرس البهيم مراراً بمقدار القرحة فيبيض شعر ذلك المكان ويصير ذا قرحة وذلك إذا كرهوا أن يكون بهيماً واسم هذه القرحة المعمولة فيها‏:‏ الغريب‏.‏

وتصيب الدابة الدبرة فيبيض شعر ذلك المكان وذلك هو التوقيع والجلد نفسه هو الموقع‏.‏

وقال محرز بن المكعبر الضبي‏:‏ فما منكم أفناء بكر بن وائل لغارتنا إلا ذلول موقع وجلد الحافر كله وجلد الظلف كله إذا كان أسود كان أسود الشعر وإذا كان أبيض كان أبيض الشعر‏.‏

والخيول تتحول في ألوانها فيصير الأشهب الأبيض أرقط مدنراً ويسقى الفرس الحليب المحض فإذا طال ذلك عليه صار لونه أشنع وقال الشاعر‏:‏ وداويتها حتى مشت حبشية كأن عليها سندساً وسدوسا والناقة إذا كانت حمراء ثم صارت عشراء صارت خلساء بعد أن كانت حمراء ولذلك قال الشاعر‏:‏ حمراء لا خلسية الإتمام وقد تحمر أوبار الإبل جداً على بعض المراعي وقال الفزاري في صفة إبله‏:‏ كأنما علت بحناء ودم من حرض القيعان والهرم الخضم وتبيض الإبل ورؤوسها ووجوهها من أكل الحمض قال عمر بن لجأ‏:‏ شابت ولما تدن من ذكائها وقال الآخر‏:‏ أكلن حمضاً فالوجوه شيب شربن حتى نزح القليب والمرأة الجميلة الرقيقة اللون إذا كان العشي ضرب لونها إلى الصفرة وبالغداة يضرب لونها إلى البياض قال الأعشى‏:‏ بيضاء ضحوتها وصف - راء العشية كالعرارة وقال الآخر‏:‏ قد علمت بيضاء صفراء الأصل وأحسن ما تكون المرأة وأرق ما تكون لوناً وأعتق وجهاً وأدق محاسناً في نفاسها وغب ليلة عرسها وأطيب ما تكون خلوة إذا رقصت في مناحة أو تعبت من طواسين وأنشد ابن الأعرابي لرجل قال لامرأته‏:‏ أغبتني غب البناء ونافساً وغب الكلال كل ذلك معجب وقال بشار‏:‏ كأن الذي يأتيك من راحتيهما هدي غداة العرس أو نفساء والهدي‏:‏ العروس وقال المتلمس أو غيره‏:‏ وطريفة بن العبد كان هديهم ضربوا صميم قذاله بمهند وأنا أعلم أن عامة من يقرأ كتابي هذا وسائر كتبي لا يعرف معاني هذه الأشعار ولا يفسر هذا الغريب ولكني إن تكلفت ذلك ضعف مقدار كل كتاب منه وإذا طال جداً ثقل فقد صرت كأني إنما أكتبها للعلماء والله المعين‏.‏

وجلد الشيخ يسود ويبيض ويقول المتطببون وناس من المتفلسفين‏:‏ الصقلبي من لم تنضجه الأرحام فهو فطير‏.‏

وأرحام الزنجيات جاوزت الإنضاج وأحرقت الأولاد واحتج بعضهم بقول عبيد الله بن زياد بن ظبيان لعبد الملك بن مروان‏:‏ أنا والله أشبه بأبي من التمرة بالتمرة والجمرة بالجمرة والذباب بالذباب والغراب بالغراب ولكن إن شئت خبرتك بالذي لا يشبه أباه قال‏:‏ ومن ذلك قال‏:‏ الذي لم تنضجه الأرحام ولو يولد لتمام ولم يشبه الأخوال والأعمام‏.‏

وعبيد الله بن زياد لم يرد معنى هذا المتطبب إنما ذهب إلى أن عبد الملك كان ولد لسبعة أشهر وكذلك عامر الشعبي وكذلك جرير بن الخطفى وكذلك قال الفرزدق‏:‏ وأنت ابن صغرى لم تتم شهورها ولم يرد اللون إنما أراد تمام البدن في الطول والعرض لأن لون من ولد لسبعة أشهر ليس بالفاسد‏.‏

وقد زعموا أن البقير من الناس والخيل يخرج متغير الجلد وأن ذلك يكون ملازماً وحكوا ذلك عن لون خارجة بن سنان وعن جلد الفرس الذي قال فيه ابن أقيصر ما قال وعن بعض أولاد نساء بني تغلب ليلة نفر الجحاف بن حكيم ولست أعرف تأويل قول عبيد الله بن زياد لأن عبد الملك كان موصوفاً بحسن اللون ولما قال عبد الله بن قيس الرقيات في عبد الملك‏:‏ يعتدل التاج فوق مفرقه على جبين كأنه الذهب قالوا‏:‏ نشهد أنه قد كان رآه وإن كان إنما أراد أنه لم يكن بتام اللحم والعظم فما سمعنا أحداً عاب عبد الملك بقصر ولا نحافة وإنما كان أراد ولد لسبعة أشهر فإن الذين يولدون لسبعة أشهر ليس القصر والنحافة فيهم بأفشى وأشد استفاضة منه في غيرهم‏.‏

وقال عبد الملك للشعبي‏:‏ مالي أراك ضئيلاً قال‏:‏ يا أمير المؤمنين‏!‏ زوحمت في الرحم‏.‏

يقول‏:‏ إني ولدت توأم أخي ولم يقل لأني ولدت لسبعة أشهر وقال معاوية بن سنان الكلبي وكان أخا سنان بن أبي حارثة لأمه‏:‏ سناناً دعوت وأشياعه وعوفاً دعوت أبا قهطم فقام فتى وشوشي الذرا - ع لم يتلبث ولم يهمم تمطن به أمه في النفا - س ليس بيتن ولا توأم فكره أن يكون توأماً لأن التوأم يكون ضئيلاً وقد رأيت أنا غير الذي يقولون ولعل بعض من رأيت وأكثر كانوا أغلظ عظماً وأوثج وثاجة ممن ولد لتمام رأيت الحكم ومروان ابني بشر بن أبي عمرو بن العلاء وكان كل واحد منهما كالبغل المزنوق ورأيت الأخوين اللذين كانا يلقبان بمنكر ونكير كل واحد منهما كالجمل المحجوم ورأيت الأخوين المازنيين وكان أحدهما إذا حم حم الآخر وإذا رمد رمد الآخر فلما مات أحدهما أوصى الآخر ومات بعده بقليل وكان كل واحد منهما كأنه الرمح الرديني ولم أر فيهم نحيفاً إلا عبدان تلميذ يحيى بن ماسويه‏.‏

حدثني الحسن بن إبراهيم العلوي أن الحسن بن علي بن أبي طالب ولد لسبعة أشهر فمن كان أبرع عقلاً وأتم قواماً منه وليس بمستنكر أن ترى الواحد منهم بعد الواحد نحيفاً‏.‏

قالوا‏:‏ وإنما صارت ألوان سكان إقليم بابل السمرة وهي أعدل الألوان لأنهم لم يولدوا في جبال ولا على سواحل بحار فخرجت عقولهم الباطنة من الاعتدال والاستواء على حسب ألوانهم وشمائلهم الظاهرة‏.‏

قالوا‏:‏ ويولد بالمغرب‏.‏

والأقشر ولا يعدونهما في البرصان‏.‏

وإن كان بياضهما خارجاً من المقدار ولو أن بعض جلد المغرب صار لبعض السودان والأدمان لعدوهما لا محالة في البرصان‏.‏

ويسود من الزنجي كل شيء إلا أسنانه وبياض مقلتيه وعلى أن لون راحته وظفره لون بين وسأل بعض المعترضين‏:‏ كيف اعترى أهل البادية البرص مع كثرة التعسر وقلة الغذاء والجفاف‏.‏

قالوا‏:‏ وجدنا ذلك في عدد كثير من أهل الشرف والنباهة وقد علمنا أنه في أهل الخمول على أضعاف ذلك إذا كان الخامل ليس فيه معنى يذكر من أجله بسلامة ولا آفة‏.‏

قالوا‏:‏ فإن قالوا لمكان اللبن وكل ما يجنى من اللبن قيل له‏:‏ فإن الزط في الآجام يداومون بين السمك واللبن وهم مغتمسون في جميع أصناف الرطوبات وأهل البدو في بلاد الجفاء والجفاف يداومون بين اللبن والتمر‏.‏

وليس في الزط من البرص ما ينكر إلا أن تكون الحرارة هي التي تقذف بالبلغم من أجواف أهل البدو إلى ظاهر جلودهم وليس هو عندي كذا كما قالوا ولكن العرب تتهاجى بالأشعار التي تشهر كل خير وشر وتتعايب بالألفاظ المتعسفة المستحسنة التي تستدعي الرواية والحكاية والرواة لا تعنى بلسان الزط وسكان الآجام لهوانهم عليهم ولأنهم لم يتعايبوا بينهم بالكلام الذي يحفظ الرواة مثله ولو جمعتهم أيضاً كلهم لم يكونوا كقبيلة من قبائل بني سعد‏.‏

وهذا المقدار من عدد البرصان إنما وجدتموه في جميع جزيرة العرب منذ كانت العرب إلى يومنا هذا فهذا المقدار قليل ولو قصدتم إلى أمة من الأمم يكون عدد جماعتهم على الشطر ولولا طعن الحاسد لهم والباغي عليهم لكنت عسى ألا أتحمل لك نسخ هذا الكتاب مع ثقله علي وبالله التوفيق‏.‏

قالوا‏:‏ والإنسان يعتريه البرش من شرب اللبن وأكل التمر وقد هجا بذلك الفرزدق بني سعد لقربهم من التمر فقال‏:‏ ولست بسعدي على فيه حبرة ولست بعبدي حقيبته التمر ولكنني من دار وهب بن مالك وليس بحمد الله والدي الفزر والفزر هو سعد نفسه‏.‏

وأما البرش الذي يعتري الأظفار فإن ذلك شيء يعتري الأظفار في حداثة السن والسواد يعتري الناس كثيراً في مواضع من جلودهم يعتري الحصا والمذاكير وربما اعترى جلود الآباط وجلد العجان وإذا كبر الشيخ جداً وصلع وطال عمره عاد لرأسه شعر أسود كالقنازع وقال الشاعر وهذا الشعر مبهم‏:‏ لنصر بن دهمان الهنيدة عاشها وعشرون حولاً ثم قوم فانصاتا وعاد له شرخ الشباب الذي مضى وراجع حلماً بعدما كان قد فاتا وعاد سواد الرأس بعد ابيضاضه ولكنه من بعد ذا كله ماتا ولم أرد هذا الشعر لرداءة طبع صاحبه ولكن لجهله شأن الشيوخ الهرمين والشاعر الجاهل الذي أضيف هذا الشعر إليه لا يجهل أمر الشيوخ في ذلك وإنما فسد لقوله‏:‏ وعاد له شرخ الذباب الذي مضى وراجع حلماً بعد ما كان قد فاتا وهذا باطل البتة‏.‏

ومن البهق الأسود والأبيض وإنما ذلك على قدر النقص فإن كان من المرة السوداء كان أسود وإن كان من البلغم كان أبيض وإذا ابيض لم يؤمن‏.‏

وتزعم العرب وناس من جمال أصحاب الأخبار أن ناساً من العرب ومن قريش خاصة أصابهم الماء الأصفر والبرص جميعاً وأن بعضهم اكتوى فبرأ منهما جميعاً وبعضهم وجأ بطنه بحديدة فبرأ منهما جميعاً وبعضهم اكتوى فمات‏.‏

فمن الذين ماتوا مسافر بن أبي عمرو بن أمية وأما الذي وجأ بطنه فبرأ منهما جميعاً أبو عزة الجمحي‏.‏

قال ابن الكلبي‏:‏ سمعت أبي وأبا مسكين قالا‏:‏ كان عمرو بن عبد الله بن وهيب بن حذافة بن جمح وهو أبو عزة الشاعر أصابه برص فسقي بطنه فأخرجته قريش من مكة مخافة العدوى وهم يخافون عدوى الجذام والبرص والجرب والصفر والعدسة والجدري قالا‏:‏ وكان إذا جن عليه الليل أوى إلى شعاب في تلك الجبال فإذا حميت عليه الشمس استدرى بظلال الأشجار فلما طال عليه البلاء أخذ مدية فوجأ بها جنبه ليموت فيستريح فسال ذلك الماء وذهب ما كان به من برص فأقام أياماً ثم دخل إلى قريش كما كان يدخل فقال‏:‏ لاهم رب وائل ونهد واليعملات والخيول الجرد ورب من يسعى بأرض نجد أصبحت عبداً لك وابن عبد أبرأت منى وضحاً بجلدي من بعدما طعنت في معدي وقالوا‏:‏ ممن كشح بالنار مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس كان وفد على النعمان فسقي بطنه هناك وأصابه وضح فقيل للنعمان‏:‏ ليس له دواء إلى الكي وخبروه بشأن أبي عزة فكواه فمات وهو الذي قال عند الكي‏:‏ قد يضرط العير والمكواة في النار فأرسلها مثلاً فرثاه أبو طالب في كلمة له طويلة‏:‏ ليت شعري مسافر بن أبي عمرو وليت يقولها المحزون رجع الوفد سالمين جميعاً وخليل في مرمس مدفون بورك الميت الكريم كما بورك نضح الرمان والزيتون ومكشوح لدى النعمان أمسى هبالة بيته بيت الحمار يفوق بنفسه ويرى بياضاً بكشحيه كتلماع النهار لأنه مات بموضع يقال له هبالة‏.‏

وممن اكتوى فبرص‏:‏ الكواء واسمه عمرو وهو أبو عبد الله بن الكواء وإخوته النسابون الذي يقال لهم بنو الكواء وفي الكواء وأخيه يقول الشاعر‏:‏ غرابان هذا أبقع اللون منهما وهذا غراب فاحم اللون مصمت وممن اكتوى فبرص‏:‏ المكشوح المرادي‏.‏

واسمه هبيرة بن عبد يغوث وهو أبو قيس بن المكشوح الفارس الرئيس‏.‏

والمكشوح الذي يقول‏:‏ فما وضحي من داء سوء علمته ولكن كي النار في الجلد موضح وفي بني الكواء يقول الشاعر‏:‏ إلى معشر بيض الكشوح مصاقع عليهم جلود النمر خنس المعاطس وإنما قال مصاقع لأنهم خطباء وابن الكواء يذكر في الخطباء وفي النسابين وفي العوران‏:‏ ولذلك لما قال له معاوية‏:‏ فما تقول في نفسك قال‏:‏ أعور سمين‏.‏

كانوا يميلون إلى قول الخوارج وأما قول الشاعر‏:‏ عليهم جلود النمر‏.‏

فإنما يعني التبقيع والتفليس الذي كان في ومن البرصان عبد العزى بن كعب بن سعد قال أبو نخيلة واحد حمان كقوم حم وإنما سمي حمان لأنه كان ألطع فكان يحمم شفتيه والتحميم‏:‏ التسويد في هذا الموضع ولذلك قال الشاعر في أبان بن عثمان بن عفان في أول ما ظهر به البياض قال‏:‏ له شفة قد حمم الدهر بطنها وعين يغم الناظرين احولالها وكان أحول أبرص أعرج وبفالج أبان يضرب أهل المدينة المثل‏.‏

وكان في بني عثمان عوارن وعرجان وحولان وبرصان كان سعيد ابن عثمان أعور وكان أبان أحول وقال مالك بن الريب‏:‏ وما كان في عثمان عيب علمته سوى ابن في نجله ثم أدبرا فلولا بنو حرب لطلت دماؤكم بطون العظايا من كسير وأعورا لأن بطن العظاية أبرص‏.‏

وكان أيمن بن خريم لمكان الوضح الذي في يده وأصابعه وشفتيه ووجهه يدلك هذه المواضع بالحص والحض هو الورس ليكون أخفى للبياض فقال الأقيشر يهجوه بذلك‏:‏ يعالج بالحص البياض فلم يصب دواء وما داواك عيسى بن مريما ومن البرصان السادة والفرسان القادة الربيع بن زياد وهو أحد الكملة وهو كان قائد عبس وعبد الله بن غطفان في حرب داحس وبنو زهير بن جذيمة تحت لوائه وكان رحالاً وكثير الوفادات شاعراً وكان بالمنذر خاصاً وله نديماً وكان الملك لا يشعر بالذي به من الوضح حتى قال لبيد بن ربيعة‏:‏ مهلاً أبيت اللعن لا تأكل معه إن استه من برص ملمعه وإنه يدخل فيها إصبعه يدخله حتى توارى أشجعه كأنما يطلب شيئاً أطمعه قال‏:‏ فلما ترك الملك مؤاكلته ومنادمته تجرد ثم عدا بين يديه ذاهباً وجائياً فقال الملك‏:‏ قد قيل ذلك إن حق وإن كذب فما اعتذارك من شيء إذا قيلا وأنا لا أظن هذا البيت كان قيل إلا قبل ذلك اليوم‏.‏

قال‏:‏ ومن البرصان الأشراف المذكورين ومن آباء القبائل والعمائر يربوع بن حنظلة وإياه عنى أوس بن حجر حين قصد إلى تقريع عامر بن مالك ملاعب الأسنة ببعض الوقائع فقال‏:‏ كان بنو الأبرص أقرانكم فأدركوا الأحدث والأقدما إذ قال عمرو لبني مالك لا تعجوا المرة أن تحكما والله لولا قرزل إذ نجا لكان مثوى خدك المخرما باتوا يصيب القوم ضيفانهم حتى إذا ما ليلهم أظلما قروهم شهباء ملمومة مثل حريق النار أو أظلما ففات من قد فات من عامر ركضاً وقد أعجل أن يلجما ومن البرصاء الرؤساء والأشراف الشعراء ومن الرحالين إلى الملوك والحكام من العرب‏:‏ ضمرة بن ضمرة النهشلي وهو الذي لما رآه الملك نحيفاً قال‏:‏ تسمع بالمعيدي لا أن تراه‏.‏

وزعم أبو عبيدة أنه أحد من حكم بالرشوة وهو الذي يقول‏:‏ بكرت تلومك بعد وهن في الندى مهلاً عليك ملامتي وعتابي أأصرها وبني عمي ساغب فكفاك من إبة علي وعاب وهو الذي يقول‏:‏ الآن ساغ لي الشراب ولم أكن آتي التجار ولا أشد تكلمي وأبأت يوماً بالنسار بمثله وأخذت يوماً في حديث الموسم ومسست مساً في الرقاق عباءها من بين عارفة السناء وأيم لحق الرماح ببعلها فتركنه في صدر معتدل القناة مقوم أضمرة ترجو الأبلق الاست والقفا وما مثلنا في مثلها لك عاقر أتنسى دفاعي عنك إذ أنت مسلم وقد سال من جمع عليك قراقر قال أبو عبد الرحمن‏:‏ من البرص الأشراف ومن الرؤساء المتوجين مالك ذو الرقيبة وهو الذي أخذ فداء حاجب بن زرارة وغصب الزهدمين ذاك وكان حاجب أسير الزهدمين من بني عبس وفي مديح مالك يقول المسيب بن علس‏:‏ ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم فلذي الرقيبة مالك فضل كفاه مخلفة ومتلفة وعطاؤه متخرق جزل واحتجوا بشعر عوف بن الخرع في الوضح الذي كان على ظهر كفه حيث يقول‏:‏ ولقد أراك وما تؤبن هالكاً عدل الأصرة في السداد الأكرم حتى تروحت المخاض عشية فتركت مخلوطاً مخاطك بالدم عبد رضعت بثدي ذات رضاعة مثل الرباءة بظرها لم تكلم تبكي إليك إذا عرفت سوادها كبكا الفقير إلى الغني المنعم ومن البرصان الأشراف المذكورين والفرسان المشهورين شيطان ابن عوف بن مزيد لم يكن يوم مبايض فارس مثله وكان أبرص على فرس كثير الأوضاح فلما رجعت بنو تميم عن تلك الوقعة لامهم وقال‏:‏ خرجتم برؤساء ثلاثة إلى حيي حريد ثم جئتم منهزمين وقد قتل منكم رئيسان قالوا‏:‏ والله ما لقينا إلا شياطيناً برصاً على خيل بلق‏.‏

ومن البرصان والخطباء ومن الأشراف الرؤساء قيس بن خارجة بن سنان بن أبي حارثة خطيب غطفان وهو الذي لما ضرب بسيفه مؤخرة رحل أبيه خارجة بن سنان والحارث بن عوف الحاملين وقال لهما‏:‏ ما لي في هذه الحمالة أيها العشمتان قال‏:‏ فما عندك قال‏:‏ عندي رضا كل ساخط وقرى كل نازل وخطبة من لدن وتطلع الشمس إلى أن تغرب آمر فيها بالتواصل وأنهى فيها عن التقاطع‏.‏

فلما خطب بتلك الخطبة التي سميت العذراء ضربوا بها المثل‏.‏

فقال عجلان بن سحبان‏:‏ ولا كأخي ذهل إذا قام قائلاً ولا الأسلع الحمال حين يجيب فجعل قيساً أيضاً حاملاً وضرب به المثل‏.‏

وقولهم‏:‏ الأسلع والأبرص سواء ولذلك قال جرير في قتل أنس الفوارس عمرو بن عدس وكان من المشهرين بالبرص‏:‏ هل تذكرون على ثنية أقرن أنس الفوارس حين يهوى الأسلع وكانوا ثلاثة إخوة‏:‏ الربيع الكامل وعمارة الوهاب وأنس الفوارس بني زياد وهم الكملة من بني عبس وقيل لأمهم‏:‏ أي بنيك أكمل قالت‏:‏ أنس لا بل عمارة لا بل الربيع ثكلتهم إن كنت أدري أيهم أكمل وهي التي قالت في بعض الكلمة‏:‏ ما حملته وضعاً ولا وضعته يتناً ولا سقيته غيلاً ولا أبته على مأقة‏.‏

ولما سعموا بأن الأسلع هو الأبرص قالوا في قول مساور بن هند‏:‏ منا بنو بدر ومنا هاشم والحارثان ومالك والأسلع فمزعموا أن الأسلع القيسي كان أبرص وهذا لا يجب قد يجب أن يكون اسمه الأسلع ويجب أن يكون ذا سلعة ويجب أن يكون أبرص ولا بد من أن يكون على ذلك دليل إما شعر وإما حديث وإما أن يقول ذلك العلماء فإن جاءوا مع ذلك بشاهد فهذا أصح للخبر وإن لم يأتوا بشاهد فليس قولهم حجة‏.‏

وأما قول عجان‏:‏ ولا كأخي ذهل‏.‏

فإنما عنى دغفل بن حنظلة الخطيب العلامة غرق دغفل يوم دولاب حين عبر الناس في دجيل مع حارثة بن بدر الغداني أيام الأزارقة‏.‏

قال ابن الكلبي‏:‏ من البرصان الأشراف سعد الأثرم بن حارثة بن لأم أخو أوس بن حارثة بن لأم وكان شريفاً نبيهاً ولكن إفراط نبأ أخيه هذا غيره‏.‏

قال‏:‏ ومن البرصان الأشراف المرقع بن صيفي بن رباح وأنشدوا قول الشاعر‏:‏ الوضح وضح الصبح يقال‏:‏ أبين من وضح الصبح والوضح من الدرهم والوضح اللبن قالوا‏:‏ جيد الوضح والوضح كناية عن البياض والبياض كناية عن البرص وأوضاح الخيل ما فيها من البياض وحلي الفضة تسمى أوضاح قال كميت‏:‏ ولاح من الكعاب مخبآت من الأوضاح والقدم الخضيب ومن البرصان الأشراف‏:‏ عامر بن حوط الأبرش قيل له ذلك كما قيل لجذيمة‏:‏ الأبرش بعد أن كان يقال له الأبرص إكباراً له وكناية عما يكره وهو أخو عبد مناة بن بكر بن ضبة وهو القائل‏:‏ ولقد علمت لتأتين عشية ما بعدها خوف علي ولا عدم وولجت بيت الحق ليس بباطل ما إن أبالي من تقوض وانهدم وليس في هذين البيتين دليل على أنه كان أبرص إلا أن رواة أشعار بني ضبة زعموا ذلك‏.‏

وأنشدني جعفر الضبي بيتاً كان يجعله دليلاً على برصه وهو بيت لا يقطع الشهادة ولكنه يقرب إلى ما قالوا وهو قوله‏:‏ لو كان ينجو من الآفات ذو كرم كان ابن حوط مكان الشمس والقمر ومن البرصان السادة والأشراف الخطباء والفرسان المذكورين والخوارج المقدمين ابن الفجاءة وكذلك كان ابنه وكذلك كان أخوال أبيه لا يعرف في البرص أعرق من ابن قطري المذكور في قال أبو عبيدةوأبو الحسن‏:‏ خرج جرموز المازني إلى قطري بن الفجاءة وهو بين الصفين فقال‏:‏ بلغني أنك تشتري السيف بعشرين ألف درهم وأكثر قال‏:‏ ‏"‏ نعم ‏"‏ قال‏:‏ أفلا أبعث إليك ببني تجبرهم وتغنيهم قال قطري‏:‏ إن بعثت إلي بهم ضربت أعناقهم وبعثت إليك برؤوسهم قال جرموز‏:‏ يا عجباً‏!‏ بنوك وعيالك في منزلي بالبصرة أمونهم وأبعث إليك ببني تضرب أعناقهم‏!‏ قال قطري‏:‏ إن الذي صنعت بعيالي تراه في ديناك والذي أصنع بعيالك شيء أراه في ديني قال له جرموز‏:‏ هل أصبت بعدي ولداً قال‏:‏ نعم قال‏:‏ فدعا بغلام شاب على برذون فقال جرموز‏:‏ لعلك أفسدته بشيء من هذه الأعاجم ومن هذه السبايا قال‏:‏ معاذ الله أمه الوجناء بنت الحبناء ثم قال‏:‏ يا جرموز‏!‏ إن به العلامة التي بنا أهل البيت - يعني الوضح - يقول‏:‏ إن رأيته فاعرفه وهو جرموز بن الفجاءة أخو قطري بن الفجاءة‏.‏

قالوا‏:‏ وكان الأقيشر الأسدي أبرص ولذلك سموه الأقيشير وكان مع ذلك يهجو البرصان بالبرص وقد فعل ذلك بأيمن بن خريم وغيره وكان الأقيشر يلعب بالحمام ويشرف في جوف منزل أبي الصلت الثقفي وكان إذا طير الحمام يصفر بفيه ويصفق بيديه وإن سقط فرخ على حائط جاره رماه فقال أبو الصلت‏:‏ بطن العظاية كم تمكو على شرف وكم تراجم جار البيت من كثب فالمكو‏:‏ صفير أو شبيه بالصفير وكان من عمل أهل الجاهلية قال الله عز وجل‏:‏ ‏"‏ وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ‏"‏ وقد ذكر غيره المكو حيث يقول‏:‏ تمكو فريصته بشدق الأعلم والمكو‏:‏ شيء بين النفخ والصفير لأنه لما طعنه نفخ بالدم فخرج منه الدم مكانه‏.‏

قال‏:‏ وكان بالحكم بن أبي العاص بياض ولذلك حين اطلع في منزل النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ من يعذرني من الوزغة ‏"‏‏.‏

وقال حسان أو عبد الرحمن بن حسان أو سعيد بن عبد الرحمن بن حسان للحكم وأولاده وبني عثمان‏:‏ بطون العظايا سرع ما قد نسيتم بموسم أهل الجمع لطمة أسعد وللنصف الثاني من هذا البيت تفسير يدخل في المثالب سمعت الأصمعي وسأله رجل عن بعض المثالب ‏"‏ يقول ‏"‏‏:‏ إني والله ما أقول إني لا أحسنها ولكن أدعها تحرجاً ولكن - والله - إن علمنيها الله قط‏.‏

قال أبو الحسن وأبو عبيدة‏:‏ قال الزبير لعثمان بن عفان في شأن ابنه عبد الله‏:‏ إني والله ما ألد العوران والعرجان والبرصان ولا الحولان‏.‏

قال‏:‏ ومن البرصان أبو هوذة بن شماس الباهلي أحد بني قتيبة قال أبو الحسن قال معاوية يوماً‏:‏ والله لهممت أن أملأ سفينة من باهلة فأبعث بها إلى اليم فإذا توسطوا غرقتهم قال‏:‏ فقال له أبو هوذة بن شماس‏:‏ إذاً ما رضينا بعددهم من بني أمية قال‏:‏ اسكت أيها الغراب الأبقع فقال هوذة‏:‏ إن الغراب ربما مشى إلى الرخمة حتى ينقر عينها‏.‏

فلما كان بعد ذلك قال له ابنه يزيد‏:‏ هلا قتلته‏.‏

ثم إن معاوية أرسله في بعض البعوث فقتل فقال معاوية ليزيد‏:‏ هذا أخفى وأعفى قال أصم باهلة في شماس بن هوذة بن شماس‏:‏ أشماس لو كانت صحاحاً جلودكم عذرت ولكن الشآمى أرقط فبهذا البيت حمل بعض الناس كل من قيل في الشعر إنه أرقط أنه أبرص وليس ذلك بالواجب يقولون حميد الأرقط وهو حميد بن مالك الراجز ولم يزعم أحد أنه كان أبرص وخلاد بن يزيد الأبرص ولم يكن بأبرص وأم جميل الرقطاء صاحبة المغيرة بن شبعة ولم يزعم أحد أنها كانت برصاء وعبيد الله بن زياد كان أرقط وقد جاء ذكره في الشعر‏.‏

والرقط في البراذين والدجاج والحيات والسمك ويوصف به قميص الحمار قال الشاعر‏:‏ كأن دجاجهم في الدار رقطاً وفود الروم ترفل في الحرير وقال حسان بن ثابت إن كان قاله‏:‏ إذا ذكرت قهقاء حنوا لذكرها وللرمث المقرون والسمك الرقط وهذا الشعر كفر لأن خديجة الواسطة من آل خويلد والزبير بن العوام كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ الزبير ابن عمتي وحواريي من أمتي ‏"‏‏.‏

وحسان لم يكن كافراً‏.‏

وفي الحيات الرقط وغير الرقط فأما الوزغ والعظاء فإن الرقط فيها عام وأما سربال الحمار فكما قال معاوية بن أوس‏:‏ وزق سبأت لدى تاجر تملأ كالرجل الأسحم ضربت بفيه على نحره وقائمه كيد الأجذم يرى العار في جلده واضحاً وسرباله رقط الأرقم فليس يجب لقولهم‏:‏ فلان الأرقط أن يكون أبرص إلا أن يكون عليه شاهد من شعر أو مثل أو حديث أو يقول ذلك بعض الثقات من العلماء فيكون مقبولاً‏.‏

وربما سموا الأبقع ثم يصغرون ذلك فيقولون‏:‏ بقيع من ذلك حديث يزيد بن عياض بن جعدبة الليثي قال‏:‏ أراد عبد الله بن جعفر أن يفد إلى عبد الملك وعلى المدينة أبان بن عثمان فأرسل إليه بديحاً ليستأذنه فقال أبان‏:‏ فليبعث إلي بجاريته فلانة فرجع إليه فأخبره فقال‏:‏ أما الجارية فلا ولا كرامة وقال له‏:‏ ارجع إلى بقيع فقل له‏:‏ أما الجارية فلا فقال أبان‏:‏ فليبعث إلي ومن البرصان الأشراف من الملوك جذيمة بن مالك صاحب الزباء وقصير وكان يقال له جذيمة الأبرص فلما ملك قالوا على وجه الكناية‏:‏ جذيمة الأبرش فلما عظم شأنه قالوا‏:‏ جذيمة الوضاح ولم يقولوا‏:‏ جذيمة الأوضح لأنهم يضعون هذا الاسم في موضع الكناية عن الأبرص وذلك كثير وليس في الأرض أبرص يقال له الوضاح غير جذيمة ومن يقال له الأوضح كثير والكناية إذا طال استعمالهم لها صارت كالأوضاح‏.‏

فمن ذلك أنهم كنوا عن الفرج فقالوا‏:‏ كشف علينا متاعه فصار المتاع والفرج سواء والفرج والقبل والدبر كله أيضاً كنايات وكذلك الخلاء والحش والغائط كلها كنايات وكذلك التراب والزبل والنجو كنايات والاسم الخرء وجمعه خرءان‏.‏

وقالوا في الكناية‏:‏ فلان يدعو إلى نفسه فلما طال ذلك وكثر قام في القبح مقام الأول‏.‏

وقالوا في الكناية عن قولهم زنت فلانة‏:‏ قحبت والقحاب -‏:‏ السعال وقال الشاعر في شاة له‏:‏ وإذا ما قحبت واحدة جاوب المبعد منها فخضف فكأنهم كانوا في التقدير يضعون سعلت مكان زنت فلما طال ذلك صار قولهم قحبت أقبح من قولهم زنت‏.‏

وربما قيل للأبرص‏:‏ أبرش وأقشر وأرقط وأبقع ومبقع وبقيع ومولع ومرقع وبكل ذلك جاء الشعر قال السيد الحميري وكان إذا قضى وطره من الكلام لم يكن يحفل بما وراء ذلك والسيد حميري وهو السيد بن محمد ويكنى أبا هاشم ومولده بعمان ومنشأه بالبصرة ومات في خلافة الرشيد - قال في هجائه أبا بكر وعمر وعبد الله بن عمر ولغيرهم من الصحابة‏:‏ فبعداً وسحقاً لتلك الوجوه - ه للخبت والعدل والأبرش ‏.‏

صاحبه الظالمين وعجلهما ذلك الأرقش فيا نفس حتى مت تليطي - ن على الخائن الأول المرتشي ثم قال‏:‏ فهذا ولا قول نعمانهم ولا قول سفيان والأعمش أما العلماء فلم يقل أحد منهم إن أبا بكر كان أبرش وكذلك عمر ولا قال أحد منهم‏:‏ إن عبد الله بن عمر كان أرقش وهو الذي سماه العجل وكان شديد الأدمة أتاه ذلك من قبل أخواله آل مظعون ومن العجب خبر ضبر الأعمش مع أبي حنيفة وسفيان وهذان من المرجئة والأعمش من الغالية‏.‏

وقال ابن عنقاء الفزاري في المرقع بن ذي الرأسين وهو أبو شوال بن المرقع‏:‏ فقلت لشوال توق ذبابه ولا تحم أنفاً أن يخيم مرقع فأرغم الله أنفاً أنت حامله وزاد جلدك في تسفيعه بقعا جلد تسربل ثوب الذل ظاهره واستبطن اللؤم حتى ضاق فانصدعا قالوا‏:‏ ومن البرصان ثم من بني ضبة عامر الأبرش وأجمعوا على أنه كان أبرص وأن الأبرش كان كناية‏.‏

وممن سمي الأبرش ولم يكن أبرص الأبرش الكلبي وهو سعيد ابن الوليد وكنيته أبو مجاشع وكان أخص الناس بهشام وأغلبهم عليه وقد كان به برش وكانت فيه عفة ولم يقل أحد من أجل أنه كان يدعى الأبرش أنه كان أبرص‏.‏

ومنهم البرشاء أم قيس بن ثعلبة وأخته تسمى الجذماء فزعم بعض الناس أنها كانت برصاء ولم يأت على ذلك دليل‏.‏

وذكر سحيم بن حفص‏:‏ أن الجذماء كانت ضرة البرشاء وأنها رمت البرشاء بجمر كان في يدها فبرش جلدها من النار وقال بعضهم‏:‏ بل إنما قيل ذلك لها من مخافة العين عليها كما يسمون الرجل الجميل‏:‏ شيطان والغراب النافذ البصر‏:‏ الأعور والأرض السباريت‏:‏ المفازة والنهيش‏:‏ السليم والفرس العتيق إذا كان أنثى‏:‏ شوهاء وكذلك سموا بنت ضبة‏:‏ العوراء وكانت عند تميم‏.‏

وكذلك العوراء بنت أبي جهل وكذلك الجرباء بنت عقيل وكذلك بني العوجاء في همدان وعلى ذلك سموا بناتهم بكلفاء وسوداء ودلماء وخشناء وخنساء‏.‏

وزعم أبو عثمان البقطري‏:‏ أن أم سراقة بن مالك بن جشم المدلجي كانت برصاء وأنشد قول أمية بن الأسكر‏:‏ قد جرت البرشاء أو سراقة رمته بها البغضاء بين الحواجب وقد نيل شطر الليل حتى تغضنت مشافره كالقنفذ المتحارب إذا غمزته الكف قال لآله واحسنه لو أنه غير شائب فهو لعمري شعر أمية بن الأسكر وليس في ذكر البرش دليل على البرص والذي هجا به أمية بن الأسكر نفسه في هذا الشعر السخيف السفيه أسمج وأشنع مما هجا به سراقة وهذا المثل يرغب بمثله عنه‏.‏

وسمعت شيخاً من مزينة يقول‏:‏ لولا الذي كان من زهير من الفحش في هجاء بني أسد لما كان في الأرض أتم من مروءة شعره ولا أقصد ولا أقل تزيداً من زهير لأنه وصف الملوك والسوقة والفرسان والسادة بالذي يكون فيهم‏.‏

ويقول أهل العلم‏:‏ ثلاثة رجال سادوا في الجاهلية والإسلام أحدهم سراقة بن مالك بن جشم وقالوا في المولع قال أبو عبيدة‏:‏ كان ثمامة بن عبد الله بن أنس أسلع بن أسلع بن أسلع ولذلك قال خليفة الأقطع أبو خلف بن خليفة الشاعر‏:‏ وكنا قبل مستقضى بلال من السنخ المولع في عناء تقيل سنخه وأبا أبيه كما قد الحذاء على الحذاء ويقال‏:‏ إن ولد أنس بن مالك لا ينفكون في كل زمان أن يكون فيهم رؤساء إما في الفقه وإما في الزهد وإما في الخطابة ولم يكن بالبصرة أنظر من أبي ثمامة ومن موسى بن حمزة‏.‏

وولد لأنس عشرون ومائة من صلبه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له بكثرة الولد والسعة في الرزق ويستدل على مصداق ذلك بكثرة قطائعه قالوا‏:‏ ولم يكن يعتريهم عطاس مذ صار فيهم قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أصحاب المسند‏:‏ أنه ليس في جميع المسند أكثر منها فوائد من مسنداته‏.‏

وإمامة مسجد الجامع بالبصرة مقصور ‏"‏ ة ‏"‏ على الأنصار لما فيهم من الصلاح والحال الجميلة‏.‏

وليس لأحد من أهل البصرة من الموالي مثل ما لهم فمن مواليهم الحسن وابن سيرين ولم يتلطخوا بشيء من الفتن في طول ما حاربت الأزد بالبصرة لتميم هذا وهم فرسان الأزد‏.‏

وزعموا أن بني نمير برصاء واستشهدوا قول كعب بن سعد الغنوي‏:‏ ولا البرص الفقاح بني نمير ولا العجلان رائدة الظليم أولئك معشر كبنات نعش رواكد لا تسير مع النجوم قال‏:‏ وهذا هو معنى قول جرير‏:‏ ولو وضعت فقاح بني نمير على خبث الحديد إذاً لذابا قالوا‏:‏ ومن البرصان الأبرص الكلبي قال المختار بن أبي عبيد حين أيقن بالقتل‏:‏ إن يقتلوني يجدوني جزرا محمداً قتلته وعمرا والأبرص الكلبي لما أدبرا قال‏:‏ ومن البرصان شمر بن ذي الجوشن الضبابي قال الحسين بن علي بن أبي طالب رحمه الله عليه - قبل أن يقتله بليلة -‏:‏ إني رأيت في المنام كأن كلباً أبقع يلغ في دمائنا فعبرته هذا الأبرص الضبابي يعني شمر بن ذي الجوشن كان الرئيس في قتل الحسين بن علي والملك يزيد بن معاوية وكان أمير العراق الذي جهز الجيش وعقد اللواء عبيد الله بن زياد وكان صاحب الجيش وأمير الجماعة عمر بن سعد وكان قائده الأكبر شمر بن ذي الجوشن وكان الذي تولى قتله يزيد بن خولى والذي حفظ ظهر يزيد حتى نزل إليه وحز رأسه سنان بن أنس‏.‏

وسألت مشيخة بني ضبير عن برص البهلول بن سليمان بن عبيد بن علاق بن شماس الصبيري وكان البهلول فتى بني يربوع وشيخها فقالوا‏:‏ إن أم عيسى - يعنون أم ولد سليمان بن عبيد - كانت برصاء لم تلد قط إلا أبرص أو برصاء إلا أنه في بعضهم أخفى وفي بعضهم أظهر‏.‏

ومن البرصان بنو عبد الأعلى الشيباني الشعراء الخطباء‏:‏ عبد الله وعبد الصمد وأخوهما وكان هشام بن عبد الملك بعث بهم إلى يوسف بن عمر وكانوا أصحاب الوليد بن يزيد وخاصته والوليد يومئذ القائم بعد هشام فدفعهم يوسف بن عمر إلى محمد بن بانة فطين عليهم إلا بمقدار ما يدخل عليهم منه الطعام فأطعمهم ولم يسقهم فلما أجهدهم العطش صاحوا‏:‏ يا سمي رسول الله‏!‏ إنا مسلمون‏.‏

ألا ترى أن اسم أبينا عبد الأعلى وأسماؤنا عبد الله وعبد الصمد فلم يمسوا حتى اسودوا ثم اسودوا ثم برصوا ثم تسلخوا‏.‏

وإنما قالوا ذلك لأن هشاماً بعث بهم إلى يوسف على أنهم زنادقة وأراد بذلك التشنيع على الوليد‏.‏

وهجا بعض أولادهم شاعر فقال‏:‏ وجدك أبيض القرنين داج أسير الذل والعطش والطويل وعبد الله بن عبد الأعلى هو الذي يقول‏:‏ من هنا من صديق فليعد ليعدني إنني اليوم كمد من هموم تركتني قلقاً قلق المحور بالقت المسد بينما المرء شهاب ثاقب ضرب الدهر سناه فخمد أو لبيب استوت حنكته موفي المرة مأمون العقد غاله الدهر وغطى حزمه وانتضاه من عديد وولد وهو الذي يقول‏:‏ يا ويح هذي الأرض ما تصنع لكل حي فوقها مصرع نذرعهم حتى إذا ما أنوا عادت لهم تحصد ما تزرع ويزعم كثير من الرواة أن القصيدة التي تضاف إلى لقيط الإيادي إنما هي لعبد الله‏.‏

ومن البرصان سعد المطر وهو الذي يقول‏:‏ ليتني كنت مغربا منتن الريح أجربا أو غراباً مطرداً يرقب الذيب أحنبا ذهب إلى قول رؤبة‏:‏ تشقى بي الغيران حتى أحسبا سيداً مغيراً ولياحاً مغربا يقول‏:‏ ليتني كنت شيئاً يهرب الناس منه أو غراباً يرقب ذئباً على جيفة فإذا تنحى الذئب أكل الغراب وإنما قيل له سعد المطر لأنه كان يقول في شعره‏:‏ إن المواعيد والأعياد قد منيا منه بأنكر ما يمنى به بشر أما الثياب فلا يغررك إن غسلت صحو قديم ولا شمس ولا قمر وفي الشخوص له نوء وبارقة فإن بليت فذاك الفالج الذكر ومن البرصان والعميان الشعراء علي بن جبلة وكان يكنى أبا الحسن وكان مع عمائه وشنعة برصه يتعشق جارية ويتعشقها شاعرة ظريفة أديبة وكان أنشد حميد بن عبد الحميد شعراً فوهب له مائتي دينار فانصرف من دار حميد إلى منزل المعشوقة فصب الدنانير في حجرها ثم مضى إلى منزله وليس فيه درهم ولا شيء قيمته درهم وكان أحسن خلق الله إنشاداً ما رأيت مثله بدوياً ولا حضرياً وهو القائل‏:‏ ودم أهرقت من رشأ لم يرد عقلاً على هدره إنما الدنيا أبو دلف بين مغزاه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف ولت الدنيا على أثره وهو الذي قال في حميد‏:‏ دجلة تسقى وأبو غانم يطعم من يسقي من الناس ومن البرصان ثم من بني قشير بن كعب عبد الأبرص بن هبيرة بن زفر بن عبد الله بن الأعور ومن البرصان عمرو بن بانة وهو عمرو بن محمد بن سليمان بن راشد وكان ذا قدر وولى ولايات جسيمة ويقولون‏:‏ مولى أمير المؤمنين وثقيف تدعيه وأمه بانة بنت روح كاتب سلمة وكنيته أبو الفضل وهو شريف الأبوين وإنما أضيف إلى أمه كما قيل محمد بن حفص بن عائشة وكما قيل حفص بن بانة وعلى ذلك المعنى أضافوا بني سلول إلى أمهاتهم وباهلة إلى أمهم وكذلك مزينة وكذلك يصنعون إذا كانت للأم نباهة‏.‏

وعمرو أروى الناس للغناء وأعلمهم به وأجودهم له صنعة وله سخاء على الطعام ومروءة في نفسه وهجاه بعض البغداديين فقال‏:‏ أقول وقد مر عمرو بنا فسمل تسليمة جافيه لئن تاه عمرو بحسن الغنا لقد فضل الله بالعافيه بئس ما قال لأنه ذهب مذهب التعيير فعيره بشيء لا يدري لعله ينزل به‏.‏

ومن البرصان أبو عبد العزيز الأسلع وكان صاحب أخبار وقد روى لنا الهيثم عنه‏.‏

أبو الحسن عن عوانة قال‏:‏ قدم على سليمان بن عبد الملك وفد من المدينة وحضر طعامة فدعاهم إليه فدنوا فقال رجل منهم - وجاءت ثردة -‏:‏ ما هذا الرمكا يا أمير المؤمنين فقال له سليمان‏:‏ ما هذا الأنس قبل الخلطة‏!‏ ثم حسر الرجل عن ذراعه وعن يده فإذا في ذراعه وضح فقال‏:‏ وهذا أيضاً قال‏:‏ فلما أمر لهم بجوائزهم قال‏:‏ زيدوا الرجل مائة دينار لما كلمناه به‏.‏

قال أبو الحسن‏:‏ وكان أيمن بن خريم أبرص وكان خاصاً ببشر بن مروان ثم غضب عليه ومضى إلى عبد العزيز وهو على مصر فوهب له قيمة ألف ألف درهم ثم جرى بينه بعد ذلك وبين بشر كلام فقال أيمن‏:‏ لا والله ولكنك ملول مستطرف فقال له بشر‏:‏ أنا ملول مستطرف وأنا أؤاكلك منذ كذا وكذا‏.‏

ومن البرصان بشر بن المعتمر وهو معلم أبي موسى المدرار وبشر القلانسي وأبي عمران الرقاشي وروح العبدي وأبي عبيد الله الأفوه وهاشم بن ناصح وكان متكلماً رصيناً شاعراً مفلقاً ورواية ناسباً ولم يقو أحد من المخمس والمزدوج على مثل ما قوي عليه بشر حتى كان في ذلك أكثر من أبان بن عبد الحميد اللاحقي لأن أباناً إنما نقل كتاب كليلة ودمنة وبعض كتاب المنطق مخمساً ومزدوجاً فقط وبشر أصح في أصناف الكلام ودقاق المعاني بالمخمس فلم يستكره قافية واحدة وهجاه معمر بن عباد مولى بني سليم ورئيس أصحاب المعاني وكان يكنى بأبي عمرو وأبي المعتمر بشعر فضح فيه المتكلمين وهو أول شعر قال وآخره وذلك أنه قال‏:‏ ومن البرصان أبو حماد المروزي صاحب لواء أبي مسلم صاحب الدعوة‏.‏

ومن البرصان مسمع بن مالك بن مسمع ولي شرطة سليمان بن علي قال‏:‏ وكان فاحش البرص‏.‏

ومن البرصان الصفري صاحب السبعين قتله ابن راعول أيام المبيضة ولا أظنه كان متسلحاً وقد رأيته وكان ضخماً أقشر أرقط مغرباً وكان ذلك لونه ولا يقال لمن كان لون جسده كله لون البرص أبرص إذا كان ذلك اللون ليس بحادث‏.‏

قالوا‏:‏ ومن البرصان ثم من الرواة والنسابين وأصحاب الأخبار الحكماء ومن الصحابة عبد الله بن عياش الهمداني المنتوف وكنيته أبو الجراح وهو الذي لا نعلم أحداً أكثر عنه إلا الهيثم بن عدي‏.‏

قال أبو عبيدة والهيثم‏:‏ عبث شبة بن عقال بعبد الله بن عياش على باب الخليفة وكان على كف عبد الله وضح فقال‏:‏ ما هذا على ظهر كفك يا ابن عياش قال‏:‏ سلح النعامة قال‏:‏ وكان شبة يلقب بسلح النعامة وأنشدوا‏:‏ فضح المنابر يوم يخطب قائماً سلح النعامة شبة بن عقال وليس هكذا روى الناس الشعر بل إنما قال الشاعر‏:‏ لأنه كان مفرط الطول وإنما ذلك على معنى قول الشاعر‏:‏ لعمري لئن طال الفضيل بن ديسم مع الظل ما إن رأيه بطويل وقال جرير‏:‏ إذ ظل يحسب كل شخص فارساً ويرى نعامة ظله فيحول وأنشد البطين‏:‏ وطول حديث كطول الشروق تقضى الدهور وما ينقضي لأنهم يزعمون أن ظل الشخص مع طلوع الشمس ليس له غاية ينتهي النظر إليه‏.‏

وقال أبو زيد النحوي واسمه سعيد بن أوس من ولد القارئ الأنصاري‏:‏ يقال‏:‏ سام أبرص وسامان أبرص وسوام أبرص‏:‏ وبإسقاط سام من سام أبرص ويقولون‏:‏ أبرص وأبارص وأنشد‏:‏ والله لو كنت لهذا خالصاً لكنت عبداً يأكل الأبارصا وقال عبد الله بن عمر بن الخطاب حين هجاهم بعض القرشيين بمحالفة عدي لبني بكير بن عبد ياليل وكانوا أربعة إخوة قد شهدوا بدراً وكانوا برصاً فقال عبد الله‏:‏ أبالأبارص تهجوهم وتثلبهم وكلهم قرح الوجعاء مثقار وأمكم كل مئنات مجددة وأم غيركم مقاء مذكار قال‏:‏ وبهق البرص يعرض لخصى الخيل وغراميلها وهذا غير الباب الأول فإذا لم يعرض ذلك لها فإن خصاها وغراميلها هي المثل المضروب في شدة السواد وكذلك الحمير في هذا المعنى قالت ليلى بنت المحلق‏:‏ لحا الإله أبا ليلى بفرته يوم النسار وقنب العير جوابا والقنب هو الخصية هجته بشدة السواد وكذلك قال الربيع بن زياد الكامل ليزيد بن عمرو بن خويلد بن الصعق وفخر بنفسه وبإخوته عمارة وأنس على يزيد وزرعة وعلس‏:‏ عمارة الوهاب خير من علس وزرعة الفساء شر من أنس وأنا خير منك يا قنب الفرس وكان يزيد شديد السواد وكذلك جواب وجواب هو الذي ذكره لبيد فقال‏:‏ حتى نحاكمهم إلى جواب ومن البرصان عمرو الثقفي الذي كان يلقب جزره وكان يكنى أبا عثمان وكان سليطاً ذا شهامة وعارضة‏.‏

ومن البرصان من ثقيف الحكم بن صخر يكنى أبا عثمان وتزعم ثقيف أن الحكم قد بان بشيء لم يكن لأحد قبله قالوا‏:‏ لم يبغض أحداً قط ولا أبغضه أحد قط‏.‏

ومن البرصان ثم من بني الأعرج الأسلع وقد صحب النبي وكان قد رحل له وأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يرحل له يوماً فقال‏:‏ إني جنب وليس عندي ما أغتسل به فأنزل الله آية الصعيد‏.‏